Admin Admin
المساهمات : 293 تاريخ التسجيل : 20/07/2011
| موضوع: تفسير سورة البقرة3 الخميس أغسطس 11, 2011 10:23 am | |
| "وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون"قوله وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات "يفسره قوله بسورة الزمر "فبشر عباد الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه "فالذين يبشرهم النبى (ص)هم المؤمنين العاملين للصالحات أى المستمعين القول المتبعين أحسنه ومعنى القول وأخبر أى وأفرح الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات ولكن بما يخبرهم ؟ يجيب الله فيقول"أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار" ومعنى القول حسب سورة البينة "جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار"فثوابهم هو جنات عدن التى تسير فى أرضها العيون ومعنى القول هو أن لهم حدائق تسير فى أرضها العيون والتعبير بجريان الأنهار من تحت الجنات يعنى أن مجارى الأنهار أسفل من أرض الجنات وما دامت أسفل منها فهى تحتها وقوله "كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشابها "يعنى كلما أعطوا من الجنات من متعة نفعا قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وجيئوا به متماثلا ،يبين الله لنا أن المسلمين كلما أعطاهم خدم الجنة من الجنات ثمرة أى متعة لينتفعوا بها قالوا لبعضهم البعض :هذا الذى أعطينا من قبل فى مرات العطاء السابق وهذا يعنى أن الخدم يأتونهم بالثمار متشابهة لا يفرقون بينها بسبب تماثلها فى الشكل واللون وغيره ،وقوله "ولهم فيها أزواج مطهرة "يفسره قوله بسورة الدخان"وزوجناهم بحور عين "فالله يزوج المسلمين بزوجات طاهرات هن الحور العين ومعنى القول ولهم فى الجنات زوجات زكيات ،" وهم فيها خالدون "يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"فخلود المسلمين يعنى مكوثهم أى بقائهم فى الجنة دون موت ومعنى القول وهم فيها باقون ونلاحظ أن الخطاب يا محمد أو يا أيها النبى أو الرسول محذوف دون وجود داعى خاصة أن ما قبلها يخاطب الناس ومعنى الآية وأخبر يا محمد الذين صدقوا حكمى وفعلوا النافعات أن لهم حدائق تسير فى أرضها العيون كلما أعطوا من الجنة متعة قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وجيئوا به متماثلا ولهم فيها زوجات زكيات وهم فيها باقون لا يخرجون ولا يموتون . "إن الله لا يستحى أن يضرب مثل ما بعوضة فما فوقها فأما الذين أمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقون " قوله "إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها "يفسره قوله بسورة الأحزاب"و الله لا يستحى من الحق"فالله لا يخاف أن يقول الحق فى أى شىء حتى لو كان الشىء أصغر شىء فى الكون وهو البعوضة وهى أصغر شىء لأن كل شىء فوقها أى أكبر منها وهى الجزيئة والمعنى إن الله لا يخاف أن يقول قولا عن جزيئة فما أكبر منها والمستفاد من القول هو أن الله لا يخاف من شىء حتى ولو كان قول الأمثال عن أصغر شىء فى الوجود وهو البعوضة أى الجزيئة وكلمة بعوضة مأخوذة من كلمة بعض أى جزء،وقوله "فأما الذين أمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم "يفسره قوله بسورة الأنعام "يعلمون أنه منزل من ربك بالحق"فالذين صدقوا حكم الله يعرفون أن الحكم وهو الوحى ملقى من عند الله والمعنى فأما الذين صدقوا حكمى فيعرفون أن الوحى هو العدل من عند خالقهم ،وقوله "وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا"يفسره قوله بسورة آل عمران"فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله "فالذين كفروا هم الذين فى قلوبهم زيغ أى انحراف عن الحق وقولهم أنهم لا يعرفون مراد الله من المثل وهو القول هو ابتغاؤهم الفتنة والتأويل والمعنى فأما الذين كذبوا بحكمى فيقولون ماذا قصد الله بهذا قولا؟وقوله"يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا"يفسره قوله بسورة آل عمران"يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء" فيضل تعنى يعذب ويهدى تعنى يغفر أى يرحم والمعنى يعاقب بتكذيبه كثيرين ويرحم بتصديقه كثيرين وقوله "وما يضل به إلا الفاسقين"يفسره قوله بسورة إبراهيم"ويضل الله الظالمين"وقوله بسورة غافر"كذلك يضل الله الكافرين"فالله يضل أى يعذب الفاسقين أى الظالمين أى الكافرين ومعنى الآية إن الله لا يخاف أن يقول حديثا عن جزيئة فما أكبر منها فأما الذين صدقوا حكم الله فيعرفون أنه العدل من خالقهم وأما الذين كذبوا حكم الله فيقولون ماذا شاء الله بهذا حكما ؟يعذب به الكافرين ويرحم به المؤمنين وما يعذب بتكذيبه إلا الكافرين . "الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون "من هم الفاسقون فى نهاية الآية السابقة ؟يجيب الله فيقول"الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه"ويفسره قوله بسورة آل عمران"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا"فنقض العهد هو أخذ الثمن القليل بدل من طاعة عهد الله والمعنى الذين يخالفون حكم الله من بعد إنزاله ويفسره قوله"ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل"فقطع الذى حكم الله أن يوصل هو نقض العهد والمعنى أى يعصون الذى حكم الله به أن يطاع ويفسره قوله "ويفسدون فى الأرض"الذى يفسره قوله بسورة الأعراف"ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها "والمعنى ويخربون الصالح وهو العدل فى البلاد وقوله "أولئك هم الخاسرون"يفسره قوله بسورة القصص"ثم هو يوم القيامة من المحضرين "فالخاسرون هم المحضرون أى المعذبون والمعنى أولئك هم المعذبون ومعنى الآية الفاسقون الذين يخالفون حكم الله من بعد معرفته أى يعصون الذى حكم الله أن يطاع أى يحكمون بالظلم فى البلاد أولئك هم المعذبون . "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "يسأل الله الكفار ليعرفهم أنهم على الباطل ومن ثم فعليهم تركه فيقول :"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "والذى يفسره قوله بسورة الروم"الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم "وقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة"فالخلق الأول هو الإحياء الأول والجمع فى يوم القيامة هو الرجوع إلى الله والمعنى كيف تكذبون بحكم الله وكنتم معدومين فخلقكم ثم يفنيكم ثم يبعثكم ثم إلى جزاء الله تعودون ،ومن الآية يتبين لنا أن الله سمى الخلق فى مرحلة العدم أى الغيب أمواتا وأن المخلوق يموت مرتين فى الدنيا الأولى هى العدم والثانية هى موت نهاية العمر كما يعيش مرتين مرة فى الأرض الظاهرة وفى البرزخ السماوى مرة والله يعيد الإنسان فى الأخرة للحساب ونلاحظ هنا أن الخطاب محذوف فالمفروض يا أيها الكافرون أو يا أيها الناس لأن ما قبله يخاطب النبى (ص)فلابد من فاصل خطابى ولكنه حذف. "هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شىء عليم "قوله "هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا "يفسره قوله بسورة الجاثية "وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه"فالله خلق أى سخر كل المخلوقات للناس ومن ثم فالمخلوقات كلها مهيئة للناس ينتفعون بها مصداق لقوله بسورة الرحمن "والأرض وضعها للأنام"وأما قوله "ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات"فيفسره قوله بسورة فصلت"فقضاهن سبع سموات "وقوله بسورة النبأ"وبنينا فوقكم سبعا شدادا"فسواهن هو قضاهن هو بنينا سبع طبقات والمعنى وملك السماء فبناهن سبع طبقات وهذا يبين أن السماء كانت طبقة واحدة فوسعها وزادها إلى سبع سموات وقوله "وهو بكل شىء عليم "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فالله محيط أى عليم أى خبير بكل أمر وهذا يعنى أن علم الله يشمل كل شىء فى ملكه ومعنى الآية هو الذى أنشأ لكم الذى فى الأرض كله وأوحى إلى السماء فزادهن سبع سموات وهو بكل أمر خبير . "وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون"قوله وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة "يفسره قوله بسورة ص"إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين"فالخليفة هو البشر من الطين وجاعل تعنى خالق كما بسورة ص والمعنى وقد قال إلهك للملائكة إنى خالق فى الأرض إنسان وهذا يعنى أن الله أخبر الملائكة أنه سيخلق بشر فى الأرض ليعيش فيها والسبب أن يظهر الذى داخلهم من اعتراض على خلقه له وقد سمى الله البشر خليفة لكونه يخلف بعضه بعضا فى البلاء وقوله "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"يعنى قالت الملائكة :يا رب أتخلق فى الأرض من يظلم فيها ويسيل الدماء ؟يبين الله لنا أن الملائكة مخيرون وليسوا مسيرين لأن المسير لا يملك حق الإعتراض ،وقوله "ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "يعنى وقالت الملائكة ونحن نعمل بأمرك أى نطيع حكمك ،يبين الله لنا أن الملائكة بلغت من جرأتها على الله أن تمدح نفسها أمامه وتذكره بتسبيحها أى تقدسيها له ومعنى القول ألا نكفيك يا رب بتسبيحنا أى تقدسينا له؟وبالطبع هذا يعنى أنهم يملون على الله ما يفعله وما لا يفعله وهذا خطأ عظيم أراد الله أن يعرفهم به حتى يرتدعوا فيما بعد عنه ،وقوله" قال إنى أعلم ما لا تعلمون"يفسره قوله بنفس السورة "إنى أعلم غيب السموات والأرض "فالذى لا تعلمه الملائكة هو الغيب ومعنى القول قال الله إنى أعرف الذى لا تعرفون ،وهذا يعنى أن الله يخبر الملائكة أن لا وجه لإعتراضهم لأنهم يجهلون ما يعلمه ومعنى الآية وقد قال خالقك للملائكة إنى خالق فى الأرض إنسانا قالوا أتخلق فى الأرض من يضيع عدلها ويسيل الدماء ونحن نعمل بأمرك أى نطيع حكمك قال إنى أعرف الذى لا تعرفون ونلاحظ هنا أن الخطاب محذوف وهو يا محمد أو يا أيها النبى والواجب ذكره لأن ما قبله يخاطب الناس ومن ثم لابد من فاصل بينهما "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤنى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "قوله وعلم آدم الأسماء كلها "يفسره قوله بسورة الرحمن "الرحمن خلق الإنسان علمه البيان "وقوله بسورة العلق"علم الإنسان ما لم يعلم"فآدم(ص)هو الإنسان والأسماء كلها هى البيان هى الذى لم يكن يعلم وهو الكتابات وقراءتها والمعنى وعرف آدم (ص)قراءة الألفاظ المكتوبة كلها ،وقوله ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤنى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "يعنى ثم أظهر المكتوبات على لوح للملائكة فقال أخبرونى بمنطوقات هؤلاء إن كنتم عادلين فى اعتراضكم على خلق آدم(ص)وقد أراد الله بهذا أن يثبت للملائكة كون الإنسان أفضل مما تصوروا فعرض أى وضع أمامهم الكلمات مكتوبة على سبورة ثم قال هيا أخبرونى بنطق كل كلمة مكتوبة إن كنتم على حق فى اعتراضكم على خلق آدم(ص)ومما ينبغى قوله أن المقصود بالأسماء ليس أسماء الملائكة لأن الله خاطب الملائكة فأشار إلى الكلمات بكلمة هؤلاء ولو كان المقصود الملائكة لقال لهم انبؤنى بأسمائكم وهو الذى لم يحدث ومعنى الآية وعرف الإنسان قراءة المكتوبات كلها ثم أظهرهم للملائكة فقال أخبرونى بنطق هؤلاء إن كنتم عادلين. "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "قوله "قالوا سبحانك "يعنى قالوا الطاعة لحكمك والمستفاد من القول هو إقرار الملائكة بوجوب التسبيح وهو طاعة حكم الله وقوله "لا علم لنا إلا ما علمتنا "يعنى لا معرفة لنا إلا الذى عرفتنا وهذا القول منهم يدل على إقرار الملائكة بجهلهم كما يدل على أن الله لم يعلم الملائكة الكتابة والقراءة كما يدل على أن مصدر المعرفة هو الله وقوله "إنك أنت العليم الحكيم "يعنى قالوا إنك أنت الخبير القاضى بالحق فهم يقرون بكون الله عليما حاكما بالعدل ومعنى الآية قالوا الطاعة لحكمك لا معرفة لنا إلا الذى عرفتنا إنك أنت العارف الحاكم بالعدل . "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم أنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "قوله "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم "يعنى قال الله يا إنسان أخبر الملائكة بنطق المكتوبات ،وهذا يعنى أن الله طلب من آدم(ص)إخبار الملائكة بنطق الكلمات التى كتبها لهم على اللوح وقوله "فلما أنبئهم بأسمائهم "يعنى فلما أخبرهم بألفاظ مكتوباتهم،وقوله "ألم أقل لكم أنى أعلم غيب السموات والأرض "يفسره قوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض"فالغيب هو السر والمعنى قال الله للملائكة ألم أخبركم أنى أعرف سر السموات والأرض ،وقوله وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "يفسره قوله بسورة النحل"والله يعلم ما تسرون وما تعلنون"فما يبدون هو ما يعلنون وما يكتمون هو ما يسرون والمعنى وأعرف الذى تظهرون والذى كنتم تخفون ،والقول من الله هو إخبار للملائكة أنه عرف ما كانوا يخفون من اعتراض على خلق الإنسان ومن ثم فعليهم أن يعرفوا أنه يعرف كل شىء مهما كان خفيا ومن ثم فلا شىء يخفى عليه ومعنى الآية قال يا إنسان أخبرهم بمنطوقات مكتوباتهم فلما أخبرهم قال ألم أحدثكم أنى أعرف سر السموات والأرض وأعرف الذى تعلنون وما كنتم تسرون . "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "يفسر الآية قوله بسورة الأعراف "ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين"فمعنى أبى أى استكبر أى كان من الكافرين هو أنه لم يكن من الساجدين ومعنى الآية وقد قلنا للملائكة أطيعوا آدم(ص)فأطاعوهإلا إبليس عصى أى استعظم نفسه أى كان من المخالفين لحكم الله ،ويتبين من القول أن الله طلب من الملائكة السجود لآدم(ص)أى تكريم آدم(ص)فما كان من الجميع إلا أن استجابوا لأمر الله فأطاعوهبطاعة أمره عدا واحد هو إبليس الذى أبى أى رفض السجود وفسر الله هذا بأنه استكبر أى ظن نفسه أعظم من آدم(ص)وفسر هذا بأنه من الكافرين وهم العاصين لأمر الله . "وقلنا لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "قوله "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا منها رغدا حيث شئتما"يفسره قوله بسورة طه"أن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى"فأكل الرغد هو عدم الجوع والعرى والظمأ والتعب فالرغد هو وجود الطعام والشراب والكساء والصحة فى المسكن ومعنى القول هو وقلنا يا إنسان أقم أنت وامرأتك فى الحديقة وتمتعا منها تمتعا حيث أردتما ،وهذا يبين لنا أن شرط سكن الحديقة هو الأكل منها من أى مكان فيها ،وقوله "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين"يعنى ولا تذوقا ثمر هذه النبتة فتصبحا من الكافرين ،وهنا يبين الله للزوجين أن الشرط الثانى لسكن الجنة هو عدم القرب أى الأكل من ثمار شجرة معينة حددها لهم لأن من يأكل منها أى يتذوقها يكون ظالما أى من الكافرين أى العصاة لأمر الله ومن ثم يستحق العقاب وهذه الشروط هى أول الأحكام التى قررها الله على البشر ليعملوا بها ومن ثم تكون الجنة دار اختبار فى تلك المرحلة الزمنية وليست دار قرار دائم ومعنى الآية وقلنا يا إنسان أقم أنت وامرأتك بالحديقة وتمتعا منها تمتعا حيث أردتما ولا تذوقا هذا الثمرة فتصبحا من الكافرين . "فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين "قوله "فأزلهما الشيطان عنها"يفسره قوله بسورة الأعراف"فوسوس لهما الشيطان"فمعنى الزل هو أن الشيطان وسوس لهما بالأكل منها فاستجابا للوسوسة فأكلا من الشجرة المحرمة ومعنى القول فأوقعتهما الشهوة فى أكل ثمر الشجرة ،والشيطان المقصود به هنا هو الشهوة فى نفس الإنسان وهى القرين وقد وعدتهما بالبقاء ملكين أى أن يكونا خالدين إذا أكلا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "وقوله "فأخرجهما مما كانا فيه "يعنى فطردتهما من الجنة التى كانا فيها ،وهذا يبين لنا أن الشهوة تسببت فى خروج الأبوين أى طردهما من الجنة عن طريق الوسوسة لهما بالأكل وطاعتهما لها ،وقوله "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو"يفسره قوله بسورة طه"قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو "فهنا الهبوط لاثنين هما الأبوين والمعنى اخرجا من الجنة كلكم بعضكم لبعض كاره،يبين الله هنا أنه طلب من الأبوين آدم (ص)وزوجته الخروج من الجنة عقاب لهم على الأكل من ثمر الشجرة المحرمة ،وقوله "ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين "يعنى ولكم فى الأرض مسكن ونفع إلى وقت معلوم ،يبين الله هنا للأبوين أن البشر لهم فى الأرض وهى المكان الذى هبطا من الجنة إليه مستقر أى مكان للسكن أى مكان للحياة كما بين لهما أن للبشر متاع إلى حين أى نفع من الأرض يتمثل فى الطعام والشراب والكساء والدواء وغيرهم من منافع الأرض إلى وقت محدد هو وقت موت كل واحد منهم مصداق لقوله بسورة هود"ويمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى "فالحين هو الأجل المسمى ومعنى الآية فأوقعتهما الشهوة فى إثم الأكل فطردتهما من الجنة التى كانا فيها وقلنا اخرجوا منها بعضكم لبعض باغض ولكم فى الأرض مسكن ونفع إلى أجل مسمى. "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم "قوله "فتلقى آدم من ربه كلمات "يفسره قوله بسورة الأعراف"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "فإلقاء آدم (ص)للكلمات معناه إقراره بذنبه واستغفاره مع زوجته لله والمعنى فقال آدم (ص)لإلهه استغفارات وهذا يعنى أن آدم (ص)عرف ذنبه فطلب من الله الغفران هو وزوجته فكانت النتيجة "فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم "والذى يفسره قوله بسورة طه"ثم اجتباه ربه وتاب عليه وهدى"فالله تاب على آدم (ص)أى هداه واصطفاه ومعنى القول فغفر الله له إنه قابل الاستغفار النافع لعباده ،وهذا يبين لنا أن الله قبل دعاء آدم (ص)الذى يستغفر فيه لذنبه لكونه توابا أى يقبل توبة وهو استغفار العباد لذنوبهم أى لكونه رحيما أى نافعا لعباده المستغفرين ومعنى الآية فقال آدم (ص)لخالقه استغفارات فغفر الله له ذنبه إنه هو الغفور النافع للمستغفرين . "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "قوله "قلنا اهبطوا منها جميعا "يعنى اخرجوا من الجنة كلكم ويقصد الله بالجميع هنا آدم (ص)وزوجته لأن إبليس خرج من الجنة عند عصيانه أمر السجود لآدم(ص)وقوله "فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"يفسره قوله بسورة طه"فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى"فمن اتبع الهدى وهو الحق فلا خوف عليه أى لا يحزنون أى كما بسورة طه "لا يضل "أى" لا يشقى" والمراد لا عقاب عليهم ومن ثم فهم يفرحون ولا يحزنون وهذا هو عدم الشقاء أى الضلال وهو العذاب فإما يجيئنكم منى وحى فمن أطاع وحيى فلا عقاب عليهم أى لا يعذبون ويدلنا هذا القول على أن الله أخبر الأبوين أنه سينزل عليهم وحى أى هدى أى شريعة يثيب الله من يتبعها فلا يعاقبه ومعنى الآية قلنا اخرجوا منها كلكم فحتما يوحى لكم منى دينى فمن أطاع دينى فلا عقاب له أى ليسوا يعذبون . "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "يفسر الآية قوله بسورة المائدة "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم"فالنار هى الجحيم ويفسره قوله بسورة الزخرف "إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون"فالذين كفروا أى كذبوا هم المجرمين والنار هى عذاب جهنم ويفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدون يعنى ماكثين أى باقين فيها للأبد ومعنى الآية والذين عصوا حكم الله أى جحدوا وحى الله أولئك أهل النار هم باقون .
| |
|